رأي

جلسة انتخاب الرئيس من الناحية الفنية فيلم زوربا العجوز وتلميذه الحاكم باسيل في المجلس النيابي اللبناني

بقلم/جهاد أيوب
من الخطأ اعتبار ما حدث في المجلس النيابي ضمن دوراته المتعددة لانتخاب فخامة الرئيس ميشال عون بعد 46 جلسة خلال سنتين ونصف مجرد تصرفات عابرة لا اهداف فيها، ولا اشارات مؤسفة تدل على واقعنا السياسي المخيف، او هي مجرد حركات صبيانية وقعت في بئر بعض زعامات الغفلة داخل اللعبة الطائفية!
ومن الخطأ تبرير تلك الوقائع المضرة بسمعة المجلس والمنتخبين بجملة “هذا لبنان”، وفي الحقيقة هذا ليس لبناننا بل هذا لبنانكم الذي صنعتموه على شاكلة بعض زعماتكم فاستخف بعض النواب بالمسؤولية المناطة بهم، ونظرا لعدم وجود من يحاسب تصرفوا بما ظهر، وكان، وبان، وصدم الجميع حتى غضب الرئيس بري الذي ادار الجلسات وما دار فيها من شغب وصبيانيات بحنكة يصعب ان يقوم بها غيره، وقال:”يا عيب الشوم”!
إلا ان غالبية المتابعين والمعلقين توقفوا بسخرية عند اسم ميريام كلينك وتجاهلو Zorba The Greek دون قراءة لابعاد التسميتين، والاسمين، والحالتين، وما المقصود!
لذلك، دعونا نخوض في لعبة النقد الفني اخراجيا، وحواريا، وتشكيليا، ومسرحيا.
فيلم (Zorba The Greek ) نفذ عام 1964 عن سيرة الاسطورة اليونانية زوربا، انتاج اميركي، بطولة انطون كوين “زوربا”، و الين باتس “باسيل تلميذ زوربا”، والفيلم يعالج قصة باسيل الحالم الطموح الذي يخطط لما سيفعله زوربا بعد ان كبر في السن، ومن صوت لهذا الاسم لم يصوت من فراغ بل قصد اشارة مباشرة، قد لا تشبه الحالة لكنه لمح إلى ما ابعد من الحالة، وبنظري من رشح كلينك هو ذاته رشح زوربا ليقدم اكثر من صفعة على خد المجلس والمجتمع اللبناني لا بل بتصويته هذا اختزل حياتنا السياسية والاجتماعية وما اصابهما من ترهل، وثقافة مسفة!
اراد ان يقول صافعا ان كلينك متهمة بالاسفاف وهي اكثر مواطنة تشبه واقعنا، وزوربا حالة ابداعية من خارج الوطن، لكنه يلمح لحالة في الوطن قصدها أم لا، إلا ان الطرح ليس سطحيا او عفويا!
طرح اسم كلينك من الناحية الفنية اخراجيا يعني المستوى الذي وصلنا إليه ثقافيا وسياسيا عند جماعة القهوة والارجيلة قد تضخم، و من الناحية النقدية دل على ان النواب يشبهون من انتخبهم!
وعلى صعيد السيناريو لا مجال لاعتبار التصويت مسؤولية، ولا يوجد اسس ثقافية تبنى عليها ثورة ثقافية تؤسس لفهم دور الرئيس الاول عند بعض من يمثل ناخبيه!
وفكريا اوضح هذا الصوت أن البرلمان هو مصغر عنا، ويحمل كل تناقضاتنا، وبالاخص في كيفية رد بعض النواب، والموافقة على الغاء الصوت لمصلحة الطائفية، وهذا يشير منهجيا إلى أن الطائفية اللبنانية ليست نعمة ولا تصب في مصلحة الطوائف، وان رسالة الحوار بعيدا عن التنظير توحي بأن خلق الاجيال السياسية والمجتمعاتية الشابة في لبنان صعب المنال، ومن يمثل شعوب الوطن يشيخ قبل المشيب حتى لو كان شابا في العمر، لكونه يحمل ماضيه المشوه في طائفية عرجاء اوصلته إلى الزعامة والسلطة!
وصوت زوربا اخراجيا هو تأكيد أن السينما ذاكرة من يريد ان يتعلم من الشعوب، واختزال اشياء نمارسها في حياتنا يوميا دون دراية حتى لو كانت صورنا!
وأما عدم التنبه للمقصد من زج هذا الصوت فيعني نقديا أننا أمة إضافة لكوننا لا نقرأ ايضا لا نشاهد، وان نظرنا لا نعرف ماذا نشاهد ونر!
وفي حالة التفكير بعد غياب تنبه نوابنا الافاضل لهذا الصوت يتطلب منا ان لا نستغرب أو نستهجن ما حدث، فبرلماننا يمتلئ بمشاهد نحن ابطالها، وكتابها، ومنفذينها منذ انطلاقة العهر في النظام الطائفي بربطة عنق، ومع تكرار السيناريو، والحوارات رغم اختلاف الابطال لكن الاصوات متشابهة حتى البصمة!
على صعيد الديكور داخل البرلمان كان مملا وجامدا ورتيبا بألوانه البني رغم حركة النواب المستمرة، ونأمل اضافة اللون الاخضر والاحمر لكسر رتابة البصر!
وتشكيليا لا بد من الاهتمام بالاضاءة بعيدا عن هذا التسطيح، واخذ المنظور والنسب عبر كاميرا مدارة من مخرج محترف بمسؤولية، لأن المسرح والتشكيل والسينما ذاكرة الوطن، وهذا يتطلب اعادة رسم خارطة المشهد البرلماني الطائفي اينما كان خاصة في لبنان لتلمسنا ان الثقافة الفنية غائبة في هذه الجلسة، وما سبقها!
واما خدعة الاوراق التي ذكرت ثورات ميتة قبل الولادة مكشوفة، وتعني كل الاستخفاف بالحدث والوطن والمواطن والشعب، وذكر بعض الاسماء يوضح أن من ذكرها سلط الضوء على ثقافة الواقع رغم عدم فهم المقصد، والغريب المستهجن ان احد الممثلين طالب بستار حفاظا على السرية التي فضحها على صفحاته!
ما حدث مسرحية اجتماعية لبنانية بما يعبر ويختزل ويتولدن، مسرحية ضاحكة اعتمدت على بلاك كوميدي، أي الكوميديا السوداء حيث الضحك على مأسينا، وابطالها يؤمنون بالمشاغبة الهادفة والمقصودة وغير المسؤولة!
تلك المسرحية اضحكتنا وابكتنا، وتركت صورة جماعية ابطالها من زجاج ومن غير برواز، وفيها قهوة مرة، واركيلة لا نار فيها بل رماد حارقة!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى