رأي

أميركا القضاء … والقدر

بقلم :نبيه البرجي
قلنا ان الولايات المتحدة نسخة بشرية عن القضاء والقدر. الصحافي الفرنسي جان – ميشال كاتربوان يرى عدم الايغال في الفذلكات اللغوية او اللاهوتية. هي فعلا …. القضاء والقدر.
يسأل “الا تتعدى صلاحيات الجنرالات في اميركا, او رجال الاعمال, او اصحاب المصارف والمصانع, صلاحيات الانبياء؟”, يضيف “اي نبي ذاك الذي استطاع ان يغطي الكرة الارضية, ثم مشى على سطح القمر, وارانا كيف ان دابته حطت على سطح المريخ…؟”.
الا تمسك وزارة الخزانة الاميركية بكل المصارف المركزية في العالم, بل بكل المصارف على انواعها, وترصد الصفقات التي تعقدها الشركات. لا قانون هناك سوى القانون الاميركي الذي يستطيع تغريم مصرف مثل مصرف باريبا الفرنسي عام 2014 بـ 8,9 مليارات دولار, كما يغرم آلستوم بـ 772 مليون دولار, دون ان يتمكن الاليزيه او الكي- دورسيه من ان ينس ببنت شفة….
اميركا هي الاسلام. اي اسلام آخر اما ان تلاحقه بالقاذفات او تلاحقه بالعقوبات. اميركا هي المسيحية. وحين قال فرنسوا ميتران ان اميركا صناعة اوروبية رد عليه روبرت غينغرييتش “…بل ان اوروبا صناعة اميركية”. الدليل ان اميركا انقذتها من ادولف هتلر ثم اعتقتها من قبضة فلاديمير ايليتش لينين…
الاميركيون ينسون ان بعثاتهم اخذت الفلسفة عن القارة العجوز, كذلك التكنولوجيا. لا مكان في هذا العالم سوى للاحذية الثقيلة. الا تقلد هيفاء وهبي الليدي غاغا, وتغزو ثقافة الجينز القصور والادغال على حد سواء؟
لنتذكر ما قاله الياباني الحائز جائزة نوبل في الاداب ياسوناري كاواباتا حين شاهد هيروشيما تحت القنبلة الذرية”ليس هناك من اله آخر يمكنه ان يصنع هذا”. وقال “ايها السادة, اعتذروا, اذاً, من جهنم”.
في عالمنا العربي, ولطالما قلنا انه العالم الافتراضي, نعيش ما هو اسوأ من جهنم. من فضلكم راجعوا مقررات القمم العربية منذ قمة انشاص(قرب الاسكندرية) عام 1946 وحتى قمة عمان في الشهر المقبل. هل تصلح هذه المقررات حتى علفاً للدجاج؟
من سنوات قال لنا ريجيس دوبريه “ضعوا الخناجر جانبا واحملوا المناجل”. استطراداً “اصنعوا القمح لا الدم, وارقصوا بالسنابل لا بالروؤس”. ها اننا نرقص بروؤس بعضنا البعض…
لا حنكة سياسية كما الايرانيين الذين قال لنا اندريه فونتين في التسعينات انهم يبنون دولة, لا مضربا للقبائل, ولا حنكة عسكرية كما الاتراك, قبل ان يظهر رجب طيب اردوغان ويقلد طغاة العرب بتفكيك مجتمع قطعة قطعة. ماذا عن الحنكة التكنولوجية والاستراتجية في اسرائيل؟..
غريب ان تبعث الولايات المتحدة, وغداة ان غسلت يديها من طرح الدولتين, برئيس وكالة الاستخبارات المركزية ليلتقي, كأول مسؤول اميركي, محمود عباس. لا تنتظروا شيئا آخر سوى الشر المستطير. الا يكفي الفلسطينيين تفكيكا وتقتيتا؟
دعونا نتفاءل, ولو من ثقب الباب, بزيارة حسن روحاني سلطنة عمان ودولة الكويت. للتو يخطر في البال الملف اليمني. الدولتان بالذات حاولتا وضع حد للتراجيديا العبثية هناك. ماذا غير الحطام البشري والحطام الاقتصادي والحطام الاستراتيجي؟
وقيل ان عبد الملك الحوثي استعان بآية الله خامنئي مثلما استعان سيف بن يزن بكسرى انوشروان..
على امل اقفال التراجيديا الاخرى في العراق وسوريا. ولكن الا ينظر دونالد ترامب, الاتي للتو من كازينوات لاس فيغاس, ووزير خارجيته ريكس تيليرسون, الاتي للتو من حقول النفط, الى العالم على انه الغابة. الى العالم العربي على انه …. المستنقع؟
رهان على خطوات روحاني. نبتهل (الى من؟) كي لا تكون الخطوات الضائعة….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى