أخبار إجتماعية

جهاد أيوب ينعي الزميلة ماجده صبرا

رحلت قبل الرحيل حينما ضاق عمر الصداقة…
الصديقة…الرفيقة…الغالية.. الزميلة ماجدة صبرا في ذمة الله
بقلم منكسر فقد لغته// جهاد أيوب
وسقط حبر الأحلام وحيداً في عرس لم تشرق شمسه، وتحطم جدران الصمت لكثرة احاديثنا الوردية والمخملية، والشعبية، والفكرية، والفنية حتى تضخمت المحبة فكان فراق السفر، والبحث عن مستقبل قد يعين ما تبقى من رحيل العمل …لكننا ابتعدنا، واقتصر الترحال على وفي صوت الهاتف، وضاعت ترانيم الصداقة لتسجن في الماضي الجميل، وخيمت على مفرداتنا مشاكل الحياة التي شكلت لنا كذبة الوجود!
صوتها لم يعد ذاك الغناء، وطربها هجرته النغمات، وكلماتها سكن فيها التعب والعذاب…سألتها عن هذا الهم في حنجرتها؟
كانت في أيام الحلم تجيبني مع ضحكة رنانة، لكنها اليوم تصمت، تبشر بترهل العمر، وأوجاع اللحظة، وفقدان شهية الحياة … وقالت:” رحيل أمي قصر عمري…وضعي الصحي أكثر من هالك…”…
رفضت أن اتابع هذا الحوار الخانق للروح، واسترسلت في ماض جمعنا في الكويت حيث كنا نسير معاً في شوارع لا تعرف غير زحمة المارة، وطلبت مني شراء الماء، فرفضت أن ادفع ثمن الماء من جيبي…ووقفت في زاوية الشارع اطلب من المارة أن يساعدوا هذه المسكينة التي فقدت مالها، وهي صماء خرساء تحتاج إلى مساعدة!
احمر وجهها، صدمت من تصرفي…وفي لحظة تدفقت علينا ١٠ دنانير كويتية وصندوق الماء…
ضحكنا من القلب، رمتني بما كانت تحمل، ركضت خلفي ضاحكة شاتمة…وسهرنا حتى سلم الفجر اوراق اعتماده…
كيف اسمح للنسيان أن يقترب من ماجدة صبرا!؟
كيف أقبل ان يغتالنا الموت كعادته دون أن نعاود رسم ما تبقى من محبة؟
كيف لمن ساعدني في بداياتي التشكيلية والأدبية دون جميل وغاية ومصالح، وقدمت لي ماجدة ذهب التعاون والمهنة وأنا جديد في مسيرة التواصل؟
كيف اهجر الذاكرة الالماسية التي صنعتها ماجدة باحترام، واقتدار، وعزة، وقدمتني في أجمل طلة؟
ذات همسة بيروتية، وقبيل افتتاح معرضي “انسان يبحث عن ذاته” في دار المنتدى والموت يحاصر مدينتي اصرينا أن نسير في شارع الحمراء على صوت الاسطورة صباح…وانا أقود سيارتي المتواضعة ” فولز فاكن” وانغام الشحرورة تنطلق في صدى الأمكنة بالصوت النادر والهادر، وطلبت مني ماجدة إعادة أغنية “الهوى شو قليل الذوق ” ٥٣ مرة ولم تمل…ثلاث ساعات نتجول بجنون الهدوء، وباصغاء الابتسامة حتى حان موعد افتتاح معرضي، والكل يسأل أين صاحب المعرض!!!!!….
ذاكرتي تمطر حروفها من صور ماجدة، وذاكرتي متخمة بجمال أحاديث ماجدة، وذاكرتي متهمة بمحبة ماجدة، وذاكرتي تتقبل التعازي لمفردات ماجدة!
ما أقسى موت الأحباب حينما يباغتك خبر الرحيل وانت لا تنتظر فقدان الغوالي!
ما أصعب اسدال ستار مسرحية تعودنا أن نكتب حواراتها بصبر النظرات، وشوق اللقاءات، وهمس المفردات، وابتسامات اللحظات، لكننا كنا تصدم بأوجاع التصفيق حتى نتألم أكثر، ولنصل آخيراً إلى شوك الحياة في وطن الكذبة لبنان!
كل يوم يتقزم وجودنا، ونتعالى على تقوقعنا، ويصرخ الديك من غير صوته لنحصل على موت الأصدقاء…ماجدة لك الراحة عند المحب الأكبر، ولك المحبة عند الحبيب الاساسي، ولك مني صفحات ذهبية سرقتيها معك دون استئذان…لك مني أنفاس منهكة تعترف بأنك كنت مميزة، وفي مرضك مميزة، وفي رحيلك مميزة كي لا نشاركك هموم الرحيل…
غيب الموت اليوم الأحد الزميلة ماجدة صبرا بعد مسيرة طويلة مع مهنة المتاعب…
انطلقت مع بداية الثمانينات في تأسيس مجلة “الشراع”، وكانت مهذبة ونشيطة.
وقد نعاها اليوم نقيبا الصحافة والمحررين في بيان مشترك جاء فيه:
نعى نقيبا الصحافة والمحررين الأستاذان عوني الكعكي والياس عون الزميلة الأستاذة ماجدة صبرا المديرة المسؤولة لمجلة “الشراع” وشقيقة الزميل الأستاذ حسن صبرا.
وقال النقيب عون: “تفقد الصحافة اللبنانيّة، ونقابة المحررين صحافيّة راقيّة متزّنة، كانت اليد اليمنى لشقيقها الزميل حسن.
برحليها نفتقد نقابيّة وصحافيّة أحبّت مهنتها كما أحبّت وطنها حتى الرمق الأخير من حياتها.
لعائلتها وخصوصاً لشقيقها الزميل حسن صبرا ولأسرة “الشراع” نتقدّم بتعازينا الحارة باسم نقيب الصحافة وباسمي بأحرّ التعازي للرحيل المبكر لعروسة الصحافة اللبنانيّة والعربيّة.
تُقبل التعازي في منزل شقيقها الزميل حسن صبرا في بيروت، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس ٢٤ و٢٥ و٢٦ نيسان الجاري، من الساعة الثالثة بعد الظهر حتى السابعة مساء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى