سنترال رمسيس … مش ده اللي قال عنه مبارك… زحلقهم؟

كتب جمال فياض
هل تشتعل السنترالات من تلقاء نفسها؟ وهل تمرّ المصادفات الثقيلة الوطأة مرور الكرام؟ بالأمس، اشتعل حريق ضخم في سنترال رمسيس، وأتى على طوابقه العليا، ليُسقط الاتصال في قلب العاصمة المصرية لعدة ساعات. ولكن، هل هذا مجرد “حادث عرضي”؟ أم أن هناك ما هو أعمق من شرارة تماس كهربائي أو إهمال فني عابر؟
من يعود إلى مذكرات الرئيس حسني مبارك – أو على الأقل، ما نُسب إليه في أكثر من تسجيل ومناسبة – يكتشف جملة لافتة قالها يومًا: “أوعى توافق! وزحلقهم بهدوء… لأن لما يتوقف سنترال رمسيس، تتوقف كل الاتصالات في مصر”. الكلام هذا جاء ردًا على عرض أمريكي بدا في الظاهر “سخيًا”، يقترح تأهيل وربط كل سنترالات القاهرة بسنترال رمسيس، وبالمجّان. العرض مغرٍ، لكنه في عيون رجل دولة تمرّس بالمناورة والسياسة الدولية، بدا مشبوهًا. مبارك رفض، ليس بخوف، بل بحسّ أمني مبنيّ على خبرة طويلة. فقد أدرك أن تركّز الاتصالات كلها في نقطة واحدة يُسهّل خنق الدولة إذا ما قرّرت جهة ما الضغط أو التلاعب.
اليوم، وبعد سنوات طويلة، يحترق هذا السنترال تحديدًا. فجأة، ومن دون سابق إنذار. الكابلات تذوب، البُنى تنهار، والخدمة تنقطع عن نصف القاهرة، وربما أكثر. هل هي صدفة؟ ربما. لكن حين تعود بذاكرتك إلى ذاك التحذير القديم، وترى المشهد اليوم ماثلًا أمامك، تبدأ علامات الاستفهام بالزحف إلى رأسك.
ألم تكن هذه هي النقطة الحسّاسة التي حذّر منها الرجل؟ ألم يكن “سنترال رمسيس” هو القلب النابض الذي رفض أن يُربَط إليه كل شيء؟ وها هو القلب نفسه يُصاب بالسكتة!
الحريق ليس النهاية. فالدولة المصرية، بما تملك من كفاءة وبنية هندسية، ستعيد ترميم المبنى، بل ستُعيده أفضل مما كان. ولكن قبل الحجر، يجب أن نبحث في المعنى. ونسأل: من أشعل؟ ولماذا الآن؟ وهل تم فعلاً الاستهداف؟ أم أن ما حذّر منه الرئيس الأسبق صار يتحقّق بشكلٍ مؤجّل؟ أم أنها مجرد سلسلة مصادفات فوق العادة؟
الأسئلة كثيرة، والدخان لم ينقشع بعد… لكن الأكيد أن ما قاله مبارك يومًا، صار اليوم أكثر من مجرّد ذكرى… صار سؤالًا مشروعًا عن المستقبل: هل لا يزال الخطر قائمًا؟ وهل نعيد البناء على نفس الأرضية؟ أم نوزّع القلب حتى لا يُصاب الوطن بسكتة واحدة؟