نقلاً عن

مِن الحربين العالميتين إلى فيتنام.. هكذا أثرت الحروب على الموضة النسائية

المصدر هاف بوست عربي

تتأثر الموضة بجميع الأحداث الكبرى في العالم بشكل أو بآخر. وبالطبع فإن الحربين العالميتين أو الحروب الكبيرة كان لها أثر واضح، انعكس ليس فقط على كافة جوانب الحياة، ولكن حتى على ما ترتديه النساء من ملابس.

الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية هما من الأحداث التاريخية التي لن ينساها أحد، ربما إلى الأبد. إن الأحداث المأساوية التي وقعت وجميع الأرواح التي فقدت في هاتين الحربين أحدثت تغييرات كثيرة في العالم اليوم بسبب الحروب.

الحرب العالمية الأولى

كانت أوروبا القارة الرائدة في عالم الموضة منذ بدأ الاهتمام بهذا المجال. معظم اتجاهات الموضة كانت تأتي من فرنسا، والمملكة المتحدة، وغيرها من البلدان المحيطة بها.

الحرب العالمية الأولى كانت حرباً تتمحور حول أوروبا وحدثت خلال الفترة من 1914 إلى 1918. الرجال هم من كانوا يقاتلون بينما بقيت النساء لرعاية المنزل والأطفال.

قبل الحرب كانت النساء يرتدين الملابس ذات الطبقات المتعددة والفساتين ذات الزركشات، لكن الأمر تغيَّر بشكل درامي مع بداية الحرب، نتيجة اضطرار النساء لأن تحلَّ مكان الرجال في العمل، سواء في المصانع أو الشركات أو المزارع.

هذه الأعمال كانت تستلزم من النساء ارتداء ملابس ملائمة، وبالطبع لن تصلح الفساتين في كثير منها، لذلك لجأت النساء إلى الاستعانة بملابس أزواجهن أو أقاربهن الرجال، وتحديداً البنطال.

وعلى الرغم من أن النساء اللاتي عملن في المناجم قبل الحرب كنَّ يرتدين البنطال، إلا أنهن كن يغطينه بالتنانير خلال فترة الاستراحة.

وفي الوقت الذي كانت فيه الأولوية لاستخدام المواد الخام لصناعة الأزياء العسكرية للرجال، اضطر مصممو الأزياء النسائية للاستغناء عن فكرة الملابس المتعددة الطبقات، ولجأوا إلى الاقتصاد في الأقمشة، فظهرت التنانير المستقيمة ذات الطبقة الواحدة.

هنا، يعتبر الكثير من الخبراء أن الحرب العالمية الأولى هي بداية التغيير، أو فلنقُل بداية الثورة في عالم الموضة.

الحرب العالمية الثانية

أدى التقشف في زمن الحرب الأهم والأكبر في العالم، إلى فرض قيود على عدد الملابس الجديدة التي يشتريها الناس، وعلى كمية القماش التي يمكن أن يستخدمها مصنعو الملابس.

اعتمدت النساء العاملات في الخدمة الحربية السراويل كضرورة عملية. وجرت مصادرة الصوف والنايلون لاستخدامهما في الأزياء وبعض الاحتياجات العسكرية، كما تم منع استيراد الحرير من اليابان، بعد هجومها على الولايات المتحدة، وهو ما أحدث ندرة في المواد الخام لاستخدامها في الملابس النسائية.

هذه الأمور كانت سبباً وراء تقصير التنانير واعتماد البنطال بصورة أوسع. حتى الألوان كانت محدودة في ذلك الوقت بسبب حاجة الجيوش إلى المواد الكيميائية.

حصلت حكومة الولايات المتحدة على جميع لوازم الحرير من أجل الأزياء العسكرية، مما أجبر صناعة الجوارب على التحول تماماً إلى النايلون، لكن عام 1942، استولت الحكومة أيضاً على النايلون من أجل صناعة المظلات، فلم يتبق للجوارب إلا القطن والريون، التي كانت لا تحظى بشعبية في ذلك الوقت.

وكانت الحكومات تحثّ النساء عبر العديد من الملصقات الإعلانية على إعادة تدوير الملابس التي تركها الرجال قبل ذهابهم للحرب.

يذكر أنه خلال فترة الحربين العالميتين كانت عاصمة الموضة تنتقل من باريس إلى نيويورك، وهو ما جعل هناك تأثيراً أميركياً واضحاً على مسار الموضة في العالم.

الحرب الفيتنامية

امتدت هذه الحرب الشرسة التي خاضتها الولايات المتحدة الأميركية في فيتنام في الفترة من 1956 إلى 1975، وتكبدت خسائر كبيرة وكانت تحظى بمعارضة كبيرة داخل أميركا.

كان الشباب في ستينات القرن العشرين قد تعبوا من القواعد القديمة والمجتمع المحافظ. كانوا يريدون شيئاً جديداً، وكان هذا العقد مليئاً بالتفاؤل.

وخلال فترة ما بعد الحرب، كان لدى الناس الوقت الكافي لإعادة البناء، من الناحيتين المالية والاجتماعية. وكان الناس يحصلون على المزيد من المال، وكثيراً ما حصل الشباب على المال من تلقاء أنفسهم، بالإضافة إلى الحصول على بدل من والديهم.

لذلك، تمكن الشباب من خلق هويتهم الخاصة، المنفصلة عن تلك الخاصة بأولياء أمورهم.

هنا ولأول مرة على الإطلاق في أي عصر من عصور الموضة، أصبح الشباب هم قادة الموضة. هذا جنباً إلى جنب مع الثورة الجنسية، وسباق الفضاء، والفضول لمعرفة الثقافات الأخرى، كانت حرب فيتنام وحركة تحرير المرأة بعض الأحداث والأفكار التي غيرت الموضة إلى الأبد

ظهرت تركيبات الألوان المختلفة التي تم تشكيلها في الستينات بشكل واضح، فقد كانت انعكاساً للناس الذين كانوا أكثر حرية وسعادة في فترة ما بعد الحرب، وكانت مختلفة جداً عن النظرة المحافظة التي هيمنت على الخمسينات.

كانت الأنماط المستوحاة من الفن البصري مثيرة، والناس لم يكونوا قد رأوا أي شيء من هذا القبيل من قبل.

تجمعت معظم هذه المظاهر فيما يعرف بحركة “الهيبيز”، وكانت الحركة الأبرز التي تدعو لحرية المرأة والمناهضة للحرب في فيتنام، والتي كانت تدعو للسلام ونبذ العنف.

هذه الأفكار انعكست على الملابس النسائية التي أصبحت فضفاضة أكثر ومليئة بالألوان الزاهية، وكانت تكسوها نقوش الزهور الملونة كرمز للسلام والحياة.

رغبة هؤلاء الشباب في استكشاف الثقافات الأخرى تسبب في تأثر هذه الأزياء بالأنماط الغريبة الإفريقية والشرقية.

يذكر أن الحرب الأخيرة البارزة كانت الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان، لكن هاتين الحربين لم تؤثرا بشكل واضح على الموضة العالمية، وربما السبب يعود إلى الخلاف حول مشروعيتهما وجدواهما والنتائج المترتبة عليهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى