نقلاً عن

قدمت تحارب حياتية ولم تقدم اغنيات أصالة تنحاز للنساء فى « مهتمة بالتفاصيل»

المصدر جريدة الأهرام

تصنع أصالة من صوتها وعواطفها ومشاعرها، وتجارب من حولها، وقود لإحساسها، لهذا تندمج وتعيش كل حالة غنائية تقدمها بإحساس صادق، فى ألبومها الجديد « مهتمة بالتفاصيل» لم تقدم مجرد أغنيات، ولكنها قدمت تجارب حياتية الحب فيها يتألم بلذة، يضحى فى صمت، يتعذب فى سعادة، يقاسى من بعيد، أنه حب لا ينتظر تعويضا من عذابه، لا يتوقع مكافأة، فالحب لا يعبر عن موقف بقددر ما يعبر عن حالة نفسية، سواء حالة غياب أو هجر أو خيانة أو حتى سخرية. ر
> يبدأ الألبوم بأغنية « مهتمة بالتفاصيل « كلمات أمير طعيمة، ألحان إيهاب عبدالواحد، توزيع النابلسي، وهى أغنية مفرحة من مقام العجم، أبرز ما فيها الهارمونى بين ملحنها، وموزعها الذى أضاف إلى اللحن الكثير بتوزيعه الذى لعب فيه على الكمنجات والجيتار الإلكتريك، وهذه الأغنية تشبه أصالة « ست البيت» لكنها لا تشبه أصالة المطربة!،لأن طاقة الحب الكبيرة للحبيب هذه لم نتعود عليها من «صولا» فى السنوات الأخيرة، أما لو كانت تقصد حالة « حبيب» فهى بصراحة « خانقة»، ولابد أن « يطفش» منها لأنها تحاصره وتضيق عليه فى كل مكان يذهب إليه، «ناقص» تعد عليه أنفاسه!.

كتب أمير طعيمة الذى يعيش هذه الفترة مرحلة نضج فني، فكرة جميلة، مليئة بالمفردات الجديدة، فيها بساطة وعمق شديدين، وأبرز الملحن الموهوب إيهاب عبدالواحد فى لحنه كل التفاصيل التى تحدث عنها أمير، ودخول أصالة كان ناعما، وسلسا، لكنها بالغت فى رفع طبقة الصوت بعد دقيقة و11 ثانية، وقدم الموزع البريطانى النابلسى توزيعا رائعا.

> كفاية كلمة .. فى هذه الأغنية التى تصلح للرقص عليها فى الديسكوهات يقدم الملحن سامح كريم موسيقى «بوب هاوس» ممتزجة بلمسة شرقية من «الطبلة و الوتريات» إمتزجت بتناغم رائع أعطت حميمية، وحنان للميلودي، وهذه الحميمية تجعلك تعيد الإستماع للأغنية أكثر من مرة، خاصة أن أداء أصالة عالمى فيها.

وعليك أن تراقب عزيزى القارئ كيف تقفل آخر كلمة بكل شطر؟!، وإستطاع الموزع ‘الهامى دهيمة « أن يصول ويجول خاصة فى الفواصل الموسيقية، أما نادر عبدالله فقدم حالة رومانسية جديدة تضاف إلى المكتبة الغنائية من خلال إمرأة فى حالة إنتظار لحبيبها الذى أخذ البهجة والفرح من كل حياتها على مدى سنتين، وبرجوعه رجع لها الحياة، فهى عاشقة صبابة ولديها وفاء لهذا الحبيب حتى لو إنتظرت عشرين سنة، فهو الحياة لها، معنى جديد مليئ بالمفردات الجديدة خاصة الكوبلية الأخير.

> أنا بتخان .. بعد اللحن الراقص وحالة الوفاء والرومانسية التى قدمتها المطربة فى « كفاية كلمة»، تقدم لنا حالة آخرى بعيدة تماما عن سابقاتها، وهى حالة درامية كتبها بجمال شديد محمد عاطف، الذى قدم واحدة من أجمل أغنياته على الإطلاق، وهي» أنا بتخان» التى تمثل حال شريحة كبيرة من المراة العربية، التى تتعرض للخيانة الزوجية، وتقع فى حيرة بين ما تعانيه من ظلم وبرود عاطفي، وبين ظلم المجتمع إذا أرادت أن تطلب الطلاق من ظلم هذا الزوج الخائن.

قدم رامى جمال لحنا شجيا ومؤثرا بدأه من مقام النهاوند، و» السنيو» فى الأغنية من مقام الكرد، وكان ذكيا فى التعبير بالموسيقى عن معانى الأغنية، وساعده على ذلك الموزع الموهوب نور الذى أجاد توظيف الآلآت خاصة جيتار الرائع مصطفى أصلان، وباص جيتار أحمد رجب، وأداء أصالة المليء بالأحساس الصادق خاصة وهى تقول :

« بقيت استنى لحظة راحه بالعافيه

طب اعمل ايه ف مشاعر بارده مش دافيه

مشاعر تلج وسط غيوم وبرق ورعد»

وكانت موفقة جدا فى «قفلة» الأغنية وهى تقول و» أنا بتخان ومش حاسه ب أمان خالص أنا خايفه»، يا إحساسها وهى تقول « أنا خايفة».

> هيقولك .. تعتبر هذه الأغنية من أخف دم الأغنيات التى ظهرت فى الفترة الأخيرة، وفيها تحكى الحبيبة السابقة بسخرية،ــ للحبيبة الجديدة ــ تجربتها العاطفية الكاذبة مع أحد الدنجوانات الذى يحاول أن يوقع كل فترة فريسة جديدة له، الأغنية كتبها الشاعر الدكتور محمود طلعت صاحب رائعة « عيش وسكر»، وتلحين أسامة رفعت، توزيع عبدالوهاب الرافعي.

والأغنية « جاز شرقي» وفيها إستخدم الموزع مجموعة من الآلآت التى تعبر عن سخرية الحبيبة من العاشق المزيف، مثل الإكورديون الذى لعبه بمهارة وائل النجار، والكمان الذى تألق فى عزفه حسن سعيد، وكان جيتار شريف فهمى صارخا معبرا عن الحالة، ولا يمكن أن ننسى عود إسلام القصبجي، وبعيدا عن عقد المقارنات التى حددثت بين» فانز» أصالة ، و» فانز» سميرة سعيد، على هذه الأغنية تحديدا، لأنها لون سميرة سعيد، الحقيقة أن أصالة قدمت أدائا جميلا، فيه خفة دم، خاصة «الشهقه قبل يا حرام «، و ضحكتها، ودندنتها بالموسيقى فى جملة «وعزفلى سيمفونية تيرا ريرا را را را»، وإن كان ينقصها تدريب أكثر على التمثيل الكوميدي، وهذه مهمة طارق العريان الفترة المقبلة، ورغم حب البنات تحديدا للأغنية فأنا أعتقد أن محمود طلعت ظلم كثير من الرجال، لأن ما يحدث الآن العكس، فلم يعد هناك بنات بريئات!

> قاصد إيه.. هذه الأغنية كلمات هشام صادق، ألحان مدين، توزيع كريم عبدالوهاب، وهى لون جديد على أصالة من حيث طريقة غنائها، خاصة فى تقطيع الكلامات، وقد لحنها الموهوب مدين من مقام النهاوند، يؤخذ على الأغنية عدم وضوح صوت الكورس فى جملتى « جرالى أيه، كلامه فيه»، وقد كتب هشام صادق كلمات جميلة عن حلة تردد عاطفي، وإهتزاز فى خفقات القلب، وتهيؤات فى شبكة العيون، فالحبيبة هنا يبدو أنها على قدها فى الجمال أو من عينة « هبة رجل الغراب»، لهذا ماصدقت وجدت رجل «عبيط» ماشى يوزع إبتسامات فأعتقدت أنه معجب بيها ويحبها».

الفواصل الموسيقية لكريم عبدالوهاب أجمل ما فيها الآت النحاسية لطارق رؤوف، لكنها تستدعى على الفور أغنية « غلطانة» لسعد مجرد، خاصة توزيع جلال الحمداوى الذى قدم نسخة كربونية من توزيعه لرامى صبرى فى أغنيته « الرجل» الذى لحنها رامى ووزعها الحمداوي.

> كام مرة .. أغنية درامية مليئة بالشجن من مقام الحجاز، و»السنيو» من مقام « الراست، ودخول التشيلوالذى أبدعه إيهاب سمير فى بداية الأغنية، وتمازجه مع الكمان مع الجيتار أعطوها شجن جميل، وهى من كلمات أشرف أمين، تلحين محمد النادى الذى قدم فواصل موسيقية رائعة، ووظف الموزع طارق عبدالجابر الوتريات بطريقة معبرة، أجمل ما فى الأغنية إحساس أصالة الذى إستدعته من خبرتها والتجارب الحياتية السابقة التى تعرضت لها، فأعطت للأغنية مصداقية.

وشعرت كل واحدة أن المطربة تعبرعنها وحدها، وإن كنت آخذ عليها علو صوتها، لأنها تحكى عن إمرأة واثقة من خيانة زوجها ومتعودة عليها، وبالتالى لم يكن لعلو الصوت مطرح هنا، فالكلمات التى أبدعها أشرف أمين تتحدث عن إمرأة تتعرض للخيانة من قبل حبيبها، بصفة مستمرة وهى صابرة، حتى نفذ الصبر منها، وتخلت عن سلبياتها، وترددها، وحرصها على العيش، وواجهت حبيبها الخائن، لكنه صمت، فأعتبرت السكوت علامة الرضا أو الخيانة، فقررت الرحيل عن حياته».

> مين فينا.. هكذا تكتب الأغنيات فى 2017، وهذا ما كنا ومازالنا نطالب بيه، مفردات وأفكار جديدة، لأننا منذ سنوات ومع طرح أغنيات جديدة لكثير من المطربيين والمغنيين نردد رائعة بيرم التونسى : « يا أهل المغنى دمغنا وجعنا دقيقة سكوت لله»، بسبب كثرة الكلام السطحي، والإستهلاكى الذى أكل عليه الدهر وشرب، والذى قتل بحثا، إلى أن فاجأتنا « صولا» بهذه الأغنية الفلسفية والإنسانية الجميلة التى ستعيش كثيرا فهى أجمل أغنية ظهرت وتغنت بالحب سواء للوطن أو للحبيب، فيها رسالة محبة وسلام.

وفيها كل الديانات السماوية، الجامع والكنسية والدير، كتب كلماتها شاعر الدراما خميس عز العرب الذى أعتبره مفاجأة الألبوم، وتلحين محمد الشرنوبي، ورغم صغر سنه إلا أنه قدم واحدا من أفضل ألحان الألبوم، وكان توزيع النابلسى مدهشا حيث كان موفقا وذكيا جدا بين جمع التوزيع الحديث مع آلة التشيلو و المندولين القديمة، وإضافة صوت الشرنوبى المليئ بالأحساس للأغنية أعطاها حالة من الرومانسية والحلم.

> يا عالم .. هذه أغنية « أستيل» مليئة بالشوق والحنين لبنت فى حالة انتظار لحبيبها الذى سافر وتركها، ورغم إنه طلب منه نسيانه وعدم التفكير فيه مرة آخري، لكنها لا تستطيع ودائما تتذكره، وكأن الحياة واقفة عنده، الأغنية تعبرعن إحساس الانسان بالضعف عندما يغيب او يرحل عنه الانسان الذى يحبه، كتبها أحمد معتز، ألحان أحمد عز، توزيع ياسر الماجد، أجمل ما فى الأغنية سلاسة اللحن وإنسيابه، تشيلو يحيى مهدى فى نهاية اللحن يتركك فى حالة شجن جميل، وقدم محمودعامر على القانون، وأحمد خيرى على الناي، وشريف فهمى على الجيتار، وأحمد رجب على باص جيتار، عزف خرافي، أما أداء أصالة فحدث ولا حرج.

> يوم الرحيل.. قنبلة جديدة تفجرها أصالة من خلال هذه الأغنية التى كتب كلماتها أحمد قطوط، تلحين أحمد الزعيم، توزيع وفواصل موسيقية توما، الحبيبة هنا فى حالة حزن وهم وإحباط وتتذكر أيام هناها وفرحها وسعادتها مع الحبيب الذى رحل، وتركها فى حالة وجد واشتياق ولوعة وتتمنى لو لحظة يعود فيها.

أغنية شبه متكاملة من حيث اللحن، التوزيع، الأداء، لهذا حققت أكبر نسبة إستماع على الأنترنت، جاءت وتريات سعيد كمال متميزة وواضحة جدا وأبرزت معنى الكلمات، ويزيد كلارينت «حموسو» للأغنية حزن، ويجعلك تقول الله على كم الاحساس بالاغنية، وكان جيتار شريف فهمى بارزا فى الأغنية، الفواصل الموسيقية لتوما أكثر من رائعة وقدمت حالة حزن نبيلة، ورددت أصالة» كلمة مستنياك» بأكثر من شكل وكانت موفقة جدا، وجاء ترتيب الأغنية بالنبسبة لترتيب أغنيات الألبوم موفقا، فهى مكملة لأغنية « ياعالم» .

> كل أما تفتكره.. هذه أغنية درامية مليئة بالحب والوفاء، فى زمن أصبح الوفاء عملة نادرة، المطربة هنا راوى تحكى عن إمرأة تعيش حالة من الحب و الوفاء لحبيبها المسافر، وتتذكر على طريقة « الفلاش باك» السينمائى كل لحظة معاها، لدرجة إنها أصبحت مريضة بحبه بمرور السنين، ومرت الأعوام و كل شيئ تغير من حولها وهى مازالت على حالة الوفاء هذه، قصة تذكرنا بسينما الأبيض والأسود، الأغنية كتبها تامر حسين، ألحان مدين الذى قدم فيها أكثر من مقام موسيقى مثل النهاوند، والكرد، الحجاز، وأبرز توزيع عمرو عبدالفتاح، وتريات حسن سعيد، وصولو « حموسو» الذى زاد هذه الدراما تصويرا.

> شو بدك .. بعد سنوات تعود أصالة لغناء اللهجة السورية من خلال أغنية « شو بدك» كلمات وألحان صلاح الكردي، توزيع مارك عبدالنور، واللحن طربى جميل، استطاع الكردى وعبدالنور توظيف كل الآلآت التى تخدم هذه الحالة الطربية مثل القانون لجهاد أسعد، والناى لعلى مدبوح، والوتريات، وتتحدث الأغنية عن امرأة وقلبها فى حالة صراع وجدل ونقاش وسجال، القلب الطيب يريد الرجوع للحبيب، وهى تعارض الرجوع، وتقوله: « على جثتى يا قلبى أنت نسيت يا قلبى هو عمل فينا إيه، ده حتى «الندل ما رضيش يودعنا».

> رجع الفرح.. منذ فترة طويلة لم تجتمع فى أغنية واحدة مدتها خمس دقائق كل هذه المقامات الموسيقية، فالأغنية بها 7 مقامات هي، الكرد، الحجاز، الرصد، البياتي، العجم ، النهوند، الصبا، وقد لحنها الموهوب جدا خالد البكري، ووزعها أسامة الهندي، وكتبت كلماتها الشاعرة سهام الشعشاع، وعليك عزيزى القارئ أن تسمع وتقارن أداء أصالة وألحان البكرى فى جمل « صليت ياما كتيرتالاقيك»، التى فيها جلال ورهبة لهذا اختار لها مقام الكرد، وتقارنها بالسنيو» ما عاد عندى للحزن مطرح» الملئ بالفرح والذى أختار له مقام « العجم» المفرح، وجملة «قديش عض القلب ع جروحه تا ما حدا يعرف إذا موجوع» من مقام الصبا الحزين.

قام «البكري» بنزهة موسيقية مع حنجرة أصالة، ففسحها بين المقامات، ونظرا لموهبة وإمكانيات المطربة فقد استمتعت بالنزهة وأمتعتنا، ولأن الأغنية طربية فقد وظف «الهندي» كل الآلأت الشرقية مثل الناى الذى عزف عليه بمهارة رضا بدير، وأمتعنا قانون ماجد سرور، وأبهرنا رق هشام العربي.

وكتبت «الشعشاع « مفردات غير مستهلكة عن امرأة فى حالة حزن وإحباط على مدى سنين، وفجأة دق الفرح بابها، فقررت أن تخلص للفرح، خاصة انها كانت فى حالة اشتياق لهذا الفرح الذى غادر دنيتها وراح.

> صندوق صغير.. وختامها مسك حيث تختتم المطربة ألبومها بهذا الحلم القصير الذى يتركنا ونحن نسبح فى أثواب براءتنا، كتبه فادى أحمد رفاعي، ألحان دانا الفردان، توزيع مياس اليماني، الأغنية حكاية كل قصة حب، اغتالتها الحرب، حكاية كل حلم، مات قبل وقته، وكما يقول شاعرها « ما بقى من قصتهن، إلا غصتهن، و شوية ذكريات، بصندوق صغير».

الأغنية قدمت حالة من الرقى والجمال والسحر والحلم، وتألقت وأبدعت الآلآت البيانو والتشيلو والناي.

> الكوبليه الأخير.. أصالة فى هذا الألبوم هى «أحمد ذكي» الغناء، بقدرتها على غناء كل المقامات بسهولة وبساطة دون أن تشعر المستمع بالمجهود الخرافى الذى بذلته لتقدم له كل هذه الحالات بهذه الصورة المدهشة، لكنها جاءت على الرجال لصالح البنات، وعليها فى الألبوم القادم أن تصالح الرجال بأغنية عن الآعيب البنات الجديدة، وفى النهاية لابد أن نشكر كل مهندسى الصوت فى الألبوم وفى مقدمتهم هانى محروس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى