طب وصحة

كيف نحمي مفاصلنا من التآكل والخذلان؟ مقال علمي دقيق وشامل

تُعدّ المفاصل من أبرز مفاصل الجسم الحيوية، فهي التي تتيح لنا الحركة والانحناء والدوران، وتتحمّل أعباء وزننا ونشاطنا اليومي. ومع تقدمنا في السن، تبدأ المفاصل في إرسال إشارات التعب من خلال الألم، والتيبّس، وقلة المرونة. لكن الضرر لا يأتي فجأة، بل يتراكم بصمت نتيجة سلوكيات غذائية وحركية خاطئة. في هذا المقال، نسلط الضوء على أسباب تضرر المفاصل، ونستعرض السبل العلمية لصيانتها ورعايتها للحفاظ على صحتها لأطول فترة ممكنة.

أسباب تضرر المفاصل: بين العوامل الطبيعية والسلوكيات اليومية

تتعدد العوامل التي تؤدي إلى تدهور صحة المفاصل، منها ما هو طبيعي كالتقدم في العمر، حيث تقل قدرة الجسم على تجديد الخلايا الغضروفية ويقل إنتاج السائل الزلالي الذي يعمل كـ”زيت تشحيم” بين العظام. ومنها ما هو مكتسب نتيجة أنماط حياتية خاطئة:
• السمنة: الوزن الزائد يزيد الضغط على المفاصل، وخصوصًا مفاصل الركبتين والوركين وأسفل الظهر. كل كيلوغرام إضافي يضاعف الحمل على المفاصل أثناء المشي أو صعود السلالم.
• الخمول وقلة الحركة: المفاصل تحتاج إلى الحركة المستمرة لتبقى مرنة وقوية. الخمول يجعل العضلات المحيطة بها تضعف، مما يزيد من تآكلها.
• الجهد المفرط أو الحركات الخاطئة: سواء في العمل أو التمارين الرياضية، فإن إجهاد المفاصل بحركات متكررة أو تحميل مفاجئ قد يؤدي إلى تمزق الأربطة أو تلف الغضاريف.
• الإصابات القديمة: الإصابات التي لم تعالج جيدًا قد تترك ضعفًا دائمًا في المفصل، ما يسرّع من تآكله لاحقًا.
• أمراض المناعة والالتهابات: مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، وهو مرض مناعي يهاجم المفاصل ويسبب تشوهها.

الغذاء: دور أساسي في حماية المفاصل

الغذاء السليم هو خط الدفاع الأول ضد تدهور المفاصل. بعض الأطعمة تساهم في تقوية العظام والغضاريف، وأخرى قد تؤدي إلى التهابات مزمنة.
• مفيد للمفاصل:
• أحماض أوميغا 3: المتوفرة في الأسماك الدهنية (السلمون، السردين)، تخفف الالتهاب وتحمي الغضاريف.
• الخضروات الورقية: كالسبانخ والملفوف، تحتوي على مضادات أكسدة وكالسيوم.
• فيتامين D والكالسيوم: ضروريان للحفاظ على كثافة العظام، ويتوفران في منتجات الألبان والأسماك وصفار البيض.
• الكركم والزنجبيل: لهما خصائص مضادة للالتهاب، ويفضّل استخدامهما طازجين أو كتوابل في الطعام.
• ضار بالمفاصل:
• السكريات المكررة: تزيد من الالتهاب وتسرّع من تلف الخلايا.
• الدهون المتحوّلة والمقالي: تحفّز الالتهابات الداخلية.
• الإفراط في اللحوم الحمراء: يؤدي إلى تراكم حمض اليوريك الذي قد يسبب النقرس، وهو أحد أمراض المفاصل المؤلمة.

الرياضة: الحركة الذكية لحماية المفاصل

ليست كل رياضة مفيدة للمفاصل، بل يجب اختيار الأنشطة التي تقوي العضلات وتزيد مرونة المفاصل دون أن تجهدها. من أبرز التمارين الآمنة والمفيدة:
• المشي المنتظم: يساعد على تقوية عضلات الساقين دون ضغط كبير على المفاصل.
• السباحة: تقلل الوزن على المفاصل وتوفر تمرينًا شاملاً للجسم.
• تمارين التمدد (Stretching): تساهم في تحسين مرونة المفاصل وتقلل من تيبسها.
• اليوغا والبيلاتس: مفيدة لزيادة التوازن وتقوية العضلات المحيطة بالمفاصل.

يُستحسن تجنّب الرياضات التي تتطلب قفزًا متكررًا أو التواءات مفاجئة، مثل كرة القدم أو التنس عند من يعانون من مشاكل سابقة في المفاصل.

طرق بسيطة للعناية اليومية بالمفاصل
• الحفاظ على وزن صحي: هو العامل الأكثر تأثيرًا على صحة المفاصل.
• استخدام وضعيات صحيحة: أثناء الجلوس، الوقوف، ورفع الأشياء، لتجنب إجهاد المفاصل.
• الابتعاد عن الجلوس الطويل: والتحرك كل ٣٠ إلى ٦٠ دقيقة لتنشيط الدورة الدموية.
• الترطيب الدائم: شرب الماء ضروري للحفاظ على ليونة المفاصل والغضاريف.
• استخدام مكملات غذائية عند الحاجة: مثل الجلوكوزامين وشوندرويتين، ولكن بعد استشارة الطبيب.

خلاصة

العناية بالمفاصل ليست رفاهية بل ضرورة تبدأ في سن مبكرة وتستمر مدى الحياة. اتباع نظام غذائي متوازن، والمداومة على الرياضة المناسبة، وتفادي السلوكيات المؤذية، خطوات بسيطة لكنها فعالة لحماية المفاصل من التآكل والعجز. فالمفاصل التي نحافظ عليها اليوم، هي التي ستحملنا غدًا دون ألم أو خذلان.

زر الذهاب إلى الأعلى