رأي

عصام العبد الله وإشكالية الحياة والرحيل…// جهاد بقلم: جهاد أبوب

عصام العبد الله شاعر النمل رحل ولم يمت!!

حمل ابتساماته، وجهد العمر، وسنوات الكلام العذب، وقيمة الشعر، وهدير الصوت، وهديل نظراته، ومواقفه، ورأيه الحاد والمباشر، ونسائم بلدة الخيام، وعطر الجنوب، وايقونة بيروت، ومشاكل لبنان…وترجل!!!
الخبر كذبة من أكاذيب الحياة… أيعقل أن يرحل دون أن يودعنا، أيعقل أن يتنحى عن مملكته وهو عاشق الحياة حتى الثمالة ويغيب ببساطة الرحيل…

الخبر خدعة من إعلام الزمن الأغبر… أيعقل أن يترك عصام أوراقه، ومفردات خطواته، وحبر همساته، وماء سطوره، ووجدانيات صوره، وعاصفة نقده ويترجل عن فرسه متوجعاً عن دنيا الكل إلى دنيا الكل تحدث عنها، ونظَروا بها ولم يعرفونها؟!

الخبر من جعدنات السوشال ميديا في زمن القحط الإبداعي، والجمود الإنساني، والتخلف العقائدي، وجنون الصداقة المنقوصة…

ولن اتعامل مع هكذا خبر بغير تلك الصدمة فعصام العبد الله يذوب في الحياة … مهلاً ذاب حتى انغرس في ترابها!
عصام العبد الله يغرد مع كل الطيور…مهلاً غرد وسافر إلى مواسم الترحال حيث سراب المكان!
الشاعر عصام العبد الله يمتشق الريح، يصافح العاصفة، يجادل الرعد، ويصفع البرق، ويخاصم السنديان، ويلعب بألعاب الاطفال، ويسير ليلاً مع ديوك النمل قاطفاً خبرياته التي يسردها أمامنا!

الموت حق، والمبدعون لا يموتون، بل يترنحون عن مقاعدهم في حياة مرحلية، يمرون فيها كسحابة مطر، فينثرون عبير إبداعاتهم…يصارع جسدهم التراب، ويبقى عبير إبداعاتهم في فضاء الكون!

عصام العبد الله ليس شاعراً كان وعبر، انما هو العِبر في الشعر، وهِجرة الشعر إليه، وكل ما يتنفسه، يبوح به، يجادله، ويناقشه، ويطارحه، ويقبله، ويصارعه هو الشعر، لذلك عمقه بالثقافة، وبالفلسفة، وبجدلية التاريخ…
نعم عصام هو المجنون العاقل، والثائر المسالم، وعاش اميناً لشعره أكثر من أمانته للفرد عصام العبد الله!

كان الشعر العامي ملعبه، والشعر ككل غايته، وعالم الشعراء أحلامه، وكانت الحياة تليق بفوضويته، وبسالته، وجموحه، ومن المستحيل حينما تلتقيه أن تغيب عنك ما ذكرناه مع إنه يسارع بحديثك، بسلامك، بمناقشتك، بفرض رأيه، بتواصله الحاد والنسيم كما لو أنه هو السهل العميق، والممتنع الفريد…

في موت الشاعر الأديب عصام العبد الله خسر لبنان قامة ثقافية، فقد عطر السعر، وتاه منا بلسم الزمن الصعب، وغابت عنا ابتسامة الصديق الذي يقطع الصور ليعيدك إلى زمن النشاط واللقاء والحوار…
في رحيل المواطن المبدع عصام العبد الله فقد الوطن انشودته المختلفة، وذاكرته الحية، وصفحات تشبهنا وتترفع عن حياة القتل…

في غياب الممشوق عطر الشعر عصام العبد الله يبقى إبداعه مجبولاً بروحه، ويندثر جسده في حقول بلده الذي أحب…

ما أصعب أعمارنا فكلما كبرنا فيها ومعها نخسر الأحباب، ويا ليت أعمارنا اوقفت زماننا عند بدايات أحلامنا حتى لا يهجرنا الوقت ويسجننا في الحنين…

عصام العبد الله صديقي الذي غيب الشمس في شعره، وغيبه الموت عن الحياة، وفرض علينا اشكاليات الوجود والترحال شكراً يا عصام على الوقت الذي قضيته معنا وبجانبنا رغم اختلافاتنا في كثير من الامور السياسبة والفكرية والإعلامية والزمنية والحياتية…لكننا اجمعنا على محبتك واحترامك….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى